بقلم: يطو لمغاري
في زمن الكورونا : العام الجديد 20 . 20 ، لاربيع رومانسي لاخريف عشاق ، الوباء الهراء الخواء ، رائحة المرض والموت في كل مكان . والجو أصبح موبوء، يشرح الطبيب : إعتبر نفسك مريضا ، والآخرين مرضى ، إبتعد عنهم بمتر أو أكثر ، كمسافة أمان لك ولأسرتك ولمجتمعك . ضع قناعا يسد أنفك وفمك ، إلبس قفازات تغطي يديك ، ورش معقما يعقم محيطك ، يقيك من المرض . الوقاية الوقاية الوقاية. فالوباء كذب كل التوقعات . أفلت كذئب مسعور .
إح ت جز في القفص وما إن وجد الفرصة ، حتى انطلق في كل الاتجاهات . وفي العزل الصحي :
العرق العدم العفن ، العشرات الجثت تتعفن تتفسخ تتحلل . الوباء يعزف لحن أغنية الموت في إيطاليا . سيارات الإسعاف لاتتوقف . وينهار الأطباء ، يبكي الأطباء ، ثم يصمد الأطباء . ولم يكونوا قد أخذوا للوباء أهبته . إنه يطوق الزمان والمكان . فهل هي نهاية النوع البشري ؟؟؟ .
في زمن الكورونا : الكورونا الفيروس ، الوباء ينتشر، وتنتشر أعراضه : السعال الحرارة آلام الرأس فشل الرئتين ، العياء التام ، ونتذكر الخفافيش العدوى ، المرض الوباء ، الوبال البلاء.
الجائحة الصدمة الذعر، الرهاب العجز، الفيروس أو الخفاش طار " كيف الطوير طار..." .
وماعاد التحكم فيه ممكنا . والحل ؟؟؟ المنع الصحي أو الحجر الصحي ، أربعة عشرة يوما أو أربعين يوما في المستشفى . لكن أين الدواء ؟؟؟ أليس القول المأثور يؤكد : أن لكل داء دواء ، فأين الدواء يا الماما أمريكا ، ويا منظمة الصحة العالمية ، وصيفتها وكاتمة أسرارها ؟؟؟ . إن النفس البشرية ياسيدتي ،كما الجسد متعبة من الصدمات والأزمات والضربات ، التي تحملتها طيلة السنوات الأخيرة . مثخنة بالجراح ، كانت تنتظر انفراج الكربة في العام الجديد . فهل يمكنها تحمل صدمة الكورونا . ومن بعدها صدمة الحجر الصحي اللامحدود . ثم صدمة
اللادواء واللالقاح ؟؟؟ أم إنه انتهى زمن الدلال ، وحل زمن الحرمان .؟؟؟ زمن الكورونا زمن القهر، أو لعله باللسان المغربي الصريح : زمن "القرينا ".
في زمن الكورونا : وإذا قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش : أمريكا الطاعون ...والطاعون أمريكا . فإنني اليوم ومع نهاية العشرينية الأولى ، من القرن الحادي والعشرين ،زمن العولمة .
زمن أمركة العالم ، وتحويله إلى قرية صغيرة ، تحكمها الزعيمة أمريكا ، أقول : الكورونا أمريكا ، وأمريكا هي الكورونا . وماذا لو قلبنا الراء لاما ، ونطقناها الكولونا ؟؟؟. فنستنتج أنها أكلتنا يوم أكلت الثور الأبيض : العراق ، سوريا ، ليبيا ، فلسطين ، مصر، دول إفريقيا ،...
تحت أسماعنا أمام أبصارنا ، ونحن نتفرج ونتأسف وننتظر .ولم يوقظنا من سباتنا العميق ، إلا الحجر الصحي حين صحت فينا هواية التأمل ، وطرحنا كل هذا الكم من الأسئلة ، التي تبقى معلقة إلى حين . ولم يتبقى لنا في ظل التغيرات الدراماتيكية : تغيير الحياة والعادات والنظام ...
في زمن الكورونا : الموت الموت الموت ، الموت بالجملة، الرحيل الجماعي ، الجثت ، الجثت ، الجثت ، بالمئات بالآلاف ، الموت الموجه . خرج من آسيا واتجه نحو أوربا ، ثم طار إلى الولايات المتحدة الأمريكية . كيف ذلك ؟ لماذا تم ؟ لا أحد يعلم ، إنه زمن التساؤلات ، وتظل الأجوبة معلقة إلى حين . أوربا اليوم وأمريكا ، دول تغرق في الموت . هل الإنسان الأبيض ضعيف إلى هذا الحد ؟ ورقة جافة في مهب رياح الخريف ، إسفنجة في عباب اليم ؟ العالم الرأسمالي يغرق ، يغرق يغرق ، يتنفس ريح الوباء . يموت يتعفن يتحلل ، يتفسخ ينهار ينتهي .
ويتأكد اليوم ، أن دول الرأسمال لم تكن سوى شجرة جوفاء ، نخرها السوس من الداخل . لكنها ظلت تقف شامخة ، تظهر قوية أنيقة ، جميلة في أعيننا نحن الضعفاء . وفي حقها اليوم يصدق المثل المغربي القائل : " ألمزوق من برا ، آش خبارك من الداخل. ".
في زمن الكورونا : سيفرالأوربيون من العالم المتعفن ، الذي بنوه على الخواء ، والوهم والكذب والبهتان . على الإحتفالية الدائمة : السهرات السهرات سهرات : خمر رقص ، صاحبة وصاحب . بوس وعناق . قبلات ، قبلات . تيمة العشق والهيام من الليل إلى طلوع الشمس .
سهر سهر سهر . لن نتعجب يوما إذا استفقنا على خبر : الأوربيون والأمريكيون ركبوا سفن "الحريك" ، وأحرقوا البراري والبحار، الأمكنة والأزمنة ، وكل المجالات متوجهين إلى الهضبة العالية ، الأم الرؤوف ، الحضن الدافئ . صاحبة الجلالة ، في الصفاء والنقاء المعنوي ، والصحة والعافية ، الصادقة الصابرة ، الصامدة الصامتة الصائلة . صاحبة الحكمة ، أم كل الأرضيين : السيدة إفريقيا . إن الجوع والمرض الذي أغرق به العالم الرأسمالي ، إفريقيا أكسبها مناعة وقوة ضد الصدمات . ولن تجد البشرية غيرها لحفظ النوع البشري ، لإحياء جين الإنسان وانبثاقه من جديد . سيقرالجميع ، أن شمس إفريقا تشرق على العالم . ولن تكون إفريقيا فأر التجارب ، لا وألف لا . بل ستكون جينوم الحياة . طوق النجاة ، وأيقونة الشرف الإنساني. في زمن الكورونا : إن تسارع الأحداث في السنوات الأخيرة وتطورها . كان ينذرباتجاه العالم نحو أمر ما خطير : حرب كونية ما ، إنهيار ما أو حدث عام ما ، مهدد ومزلزل . بل إنه حتى على المستوى الخاص ، أصبح الناس يعيشون في إيقاع جنوني ، حيث الكل يلهث ويلهث ، يسرع ويسرع ، يجري ويجري ، بطريقة جعلتنا نتساءل : هل الكرة الأرضية تجري نحو حتفها ؟؟؟ نأكل بسرعة ، نعمل بسرعة ، نربي بسرعة ، نعلم بسرعة ، نحلم بسرعة ، نمل بسرعة ، نغضب بسرعة ، نفرح بسرعة ، نجري ونجري . تقول أمي: "الأرض خبزة كبيرة ومدورة ، هي تجري وبنادم يجري وراها" . ندور وندور، إلى أن سقطنا صرعى الضربة القاضية ، بأن ضربنا رؤوسنا في حائط سميك قوي فتاك : الوباء : الكورونا فيروس ، باغتنا العدو دون أن نعد العدة للمواجهة.
في زمن الكورونا : البشرية اليوم تخوض حربا ضروسا ضد عدو لامرئي . عدو قتال فتاك .
يفتك بالإنسانية في كل مكان . لكن يصعب علي أن أصدق أن العالم الغربي ، أوربا وخاصة أمريكا القوة الاقتصادية رقم 1 في العالم ، تقف عاجزة أمام هذا العدو . أمريكا التي تتزعم
العالم في مجالات متعددة : إقتصادية ، عسكرية ، علمية ، تكنولوجية فضائية ، مراكز النازا والرحلات الفضائية لاكتشاف ، عوالم خارج الأرض . أين ذهب كل ذلك الترف البذخ ، الثراء الغنى ، الأبهة الفخامة الرقي ، الحضارة التحضرالتناغم ، الذكاء ؟؟؟ .وكيف حل بسرعة :
الخرف الخواء الفقر، البؤس العلة العفن ، النتانة الانحطاط الفشل ، الوجع التهافت التكالب ، الغباء . لعبة الشطرنج : "هز العامر حط الخاوي . "هل هي لعبة من نوع آخرلانفهمها ، غامضة اليوم أو تتم في السر، أو تحت الطاولات ، لعبة ال20.20 ؟؟؟ لا أفهم ، والأيام القادمة ستأتي بالجواب لامحالة.
في زمن الكورونا : ...ونسأل : هل كانت الدول الرأسمالية الغربية حقا قوية . أم أنه البريق والإشهار والدعاية فقط . الغرب البورجوازي الراقي ، بروبكندا الفقاعات : الأضواء ، عروض الأزياء ، الجمال الرشاقة ، عمليات التجميل : الشفط والنفخ ، الرياضة الألعاب الأولمبية .
المهرجانات ، مهرجان كان . الجوائز السعفة الذهبية ، الذهب الألماس. البطولات الأبطال .
العلوم المتقدمة. جائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء . موسوعة كينيتس . البوكر الإيتيكيت . الفن : السينما المسرح الرقص ، الباليه رقصة البجع ...هل كان كل ذلك حقيقة ، أم أنه الخيال بريق السراب ، الوهم الذي جعلتنا الرأسمالية الفاشلة ، نعيش في صخبه لزمن طويل . جعل الإنسانية تنام في العسل وترتاح للكسل . الإنسانية البلهاء التي صدقت الكذبة ، وقبلت بالإلهاء ، وانبهرت بالرقصة . هي اليوم تؤدي الشطحة الأخيرة ، وتتساقط على انهيار الحقيقة المزيفة . وهي تغني
: " ماحياوني ما قتلوني ، غير اللهاية اللي اعطاوني . "
في زمن الكورونا : الشوق والاشتياق سيد المكان ، ونشتاق إلى جلسة الشاي في الأماسي .نشتاق إلى لمة ربيعية تحت شجرة الأركان الشامخة . النسمات العليلة ، تلامس تضاريس الوجه والروح . نتوق إلى التجمعات العائلية الدافئة . الأقران الأحباب على الأسطح أوفي ضواحي المدينة ، تحت ضوء القمر . في الصباح إشراقة الشمس ، رائحة الحياة ، نبض الوجود . في العشي صدى الخطوات على جنبات السور العتيق ، تسعد النفس بذكرى التراث والتراب ، تمني الفكر بالغد الجميل. ولكن ...، لكن النهايات، النهاية سيدة هذا الزمان، نهاية البذخ والتصنع ، والتفاخر بالمظاهر الزائفة الكذابة ، التي أبانت عن تفاهتها وزيفها وخداعها .
إنتهت إلى زوال . وأثبت الوقت أنها بلا جدوى . فهل كان كل ماقبل كورونا زيفا ، وهل سيكون كل مابعد كورونا حقيقة ؟؟؟ . أثبت الزمان أنه لايصح إلا الصحيح . في وقت الجدية والعمل لم تحتج الإنسانية لا إلى المغني ولا إلى الراقصة . بل استنجدت بالأستاذ )ة( والطبيب)ة( والعلماء. فتحية لمنقذي البشرية ، ولصوت الإنسانية.
تصبحون على وطن ، من كرة أرضية معافاة ، سليمة صامدة . أهنئكم بالسلامة من الانهزام أمام الهجوم المباغت للخفافيش على الإنسان . شعارنا : لا، للأوبئة ، نعم للصحة والعافية.